اذهبوا بورقكم هذا الى طرابلس!
لست ادري أي عقلية ليبية فذة اختزلت كل ليبيا في طرابلس؟!!!
فكل السفارات والوزارات والشركات والوكالات وكل ما انتهى بـ (ات) من صنوف المتع والملذات وحتى حديقة الحيوانات!!!
فعندما تحتاج الى ان تختم ورقة لابد ان تمتطي صهوة جوادك او صهوة طائرة! وتتبرك بطرابلس!
الناس كرهت طرابلس وطرابلس كرهت الناس وكرهت ذاتها من الزحام والضغط في كل الاتجاهات ومن كل الاتجاهات.
ان اردت ان تدرس في الخارج وانت تقطن اوباري فعليك ان تقطع الفجاج وتعاني من العواصف و ( العجاج) وتصل الى المصونة العروس وقد تكتمل اوراقك و قد لا تفعل!
كل ما قابلت شخص من مدينتي و سألته الى اين تسافر اخبرني (الى طرابلس) من اجل توقيع ورقة ومتابعة معاملة او تقديم ملف , ولست ادري لما اشعر بالضحك الداخلي ويزور مخيلتي على الفور ( ربيع شهاب!) ببدلته الغربية فوق (العربية الطويلة الداكنة اللون) وتصقع اذني عبارته( نازل على عمان!!!)
فكل ليبيا تحولت الى كفر تتبع ام الدنيا ( طرابلس) فبنغازي كفر صغير وسبها كفر موحش و مصراتة كفر يحاول ان يكون! وكلها توابع تدور في فلك طرابلس الهالة الفخمة!!!
حتى زلة والواحات و الحمادة الحمراء منابع البترول الليبي الذي يغذي اوردة وشرايين طرابلس ويحلي صدرها بعقود الذهب والماجار! هي توابع!!!
كل ما يستطيع اهل زلة فعله هو استنشاق روائح الغاز الطبيعي والبترول النقي والاصابة بالدهشة (المرض وليس الحالة وربما كليهما!!) وجمع الرطب الجني المغموس بالذهب الاسود!!
حتى نافورات المياه لا تبنى الا في طرابلس!!! هذا عدا الابراج ناطحات السحاب والارصفة مزيلات التراب والمراوح مجليات الضباب والمسارح ودور العرض منشآت العذاب في قلوب الشباب!! و الفنادق والمتاحف و (الكورنيشات) الفارهة والنخيل الباسق والاسواق المالية الالكترونية وحتى آلات سحب الاموال بينما تبنى آلات ايداعها في مليته وزلطن!!!
جميع اذاعاتنا الوطنية تعمل من طرابلس وتناقش ما ينغص حياة العروس اما الاخريات فهن (بنات كلب!) و ( عساكر سوسة) وبعضهن ( عساكر لبدة!!!).
كل شئ لابد ان يلف حول العروس اما الاخريات فلابد ان يقام عليهن الحد لارتكابهن معصية اللاشئ!! ويتوجبن عليهن ان يعشن ويمتن جاريات يخدمن العروس المحضية ومن تنال الرضى تعطى بعضا من فتات العشاء تحمله لاولادها!!
حتى صحفنا (اليومية) تحرر وتصدر في طرابلس وتوزع في باقي المدن في (الاسبوع التالي)!
حتى شركاتنا الصناعية مواقعها في طرابلس , فشركة اللدائن في طرابلس مع ان المواد الخام من رأس الانوف! ومصنع الزيت في طرابلس والزيتون في امسلاته! ومصنع السميد في طرابلس والقمح من دوائر مكنوسة!!
حتى اسمنت الفتائح بدرنة واسمنت زليتن والخمس ينتج ويتوقف ويوزع انتاجه بأمر المسؤولين الساميين بطرابلس!
وبسبب ما ذكر اعلاه قرر الناس الرحيل و العيش والعمل من طرابلس! وبالتالي قرروا كذلك جعل (غرفة التفتيش الرئيسية في ليبيا)- اكرمكم الله – في طرابلس!
يحكى ان ولي امرمن الابيار كانت شفرة هاتفه تضيع منه في كل مرة ويضطر للذهاب الى طرابلس لاستخراج (بدل فاقد) ويحكى ايضا انه في اخر سفر له اصطحب معه كامل اسرته بعدما باع بيته العربي واستقر في شقة بجانب مقر شركة النقال, هذا كان قبل خمس سنوات اما الان فيقال انه اصبح رئيس قسم في الشركة ولديه سيارة (شيفورليت) من طرابلس!! وقد وصل مستوى الانترميديت في اللهجة الطرابلسية وتحديدا في السبيكينج!(العهدة على الراوي المبتدع!!)
سألت يوما احد شباب مدينتي عن سر سفره المتكرر الى طرابلس فأخبرني بأن الارزاق في ليبيا توزع في طرابلس!!! وكذلك فرص الحياة والمرتبات والمنح الدراسية والعلاج بالخارج و حتى السيارات الصينية والحشيش!!!
بل حتى خطباء وائمة المساجد في ليبيا (يوزعون) في طرابلس!!!
لا شئ يحدث في الشويرف او المقرون او سوكنة!!!
المؤتمرات العلمية تقام في طرابلس ومعارض الكتب والمعارض التجارية وحفلات توقيع الاتفاقيات وعقود الزواج كذلك تتم المصادقة عليها في طرابلس!!
وبسبب ما ذكر اعلاه فان سائقي سيارات الاجرة في الكفرة بلا عمل فغيروا سياراتهم و استخدموها لشحن مياه الكفرة لكل (كفر) لا توجد به (ترعة)!!!
وبسبب ما ذكر اعلاه فان المترجمين في اجدابيا لم يجدوا عملا فانكبوا على ترجمة اشعار (بوخمادة) الى اللغات الحية!!!
وبسبب ما ذكر اعلاه فان شركات الاعلان في طبرق لم تجد عملا فاعلنت انها تريد اعلانات وعكفت على اقامة جائزة لاجمل خروف عيد!!!
وبسبب ما ذكر اعلاه فان شحات خلت من السياح والسياحة فقرر اهل المدينة فتح ابواب المدينة الاثرية للبقر المحلي عله بكل هذا (الدلع) يمنح اكثر ما تمنحه ابقار زبدة (لورباك)!!!
وبسبب ما ذكر اعلاه فان سائقي الشاحنات بسرت انتظروا في المحطة لشهور دونما أي (كروة) تلوح في الافق فقرروا اقامة سباق الشاحنات (الهجينة) وزن (الريشة) !!!
وبسبب ما ذكر اعلاه لم يجد اهالي سوف الجين عملا رغم انتظارهم لعامين متتاليين للسيل حتى يزرعوا الشعير فاعتقدوا ان السيل مدعوم من طرابلس وقد رفع عنه الدعم مع الطماطم فقرروا ترجمة اسم واديهم وعندما عرفوا انه امازيغي ويعني (وادي البطوم) انكبوا على اعادة هيكلة الوديان اقتصاديا!!!
وبسبب ما ذكر اعلاه اجتمع كل من ذكر اعلاه وقرروا ان يدخلوا الكهف حتى يجعل لهم ربهم من امرهم رشدا!!!
وحسبي الله في مسؤولين لم يبالوا بأمر الوطن والمواطن!!!
دمتم بخير
عدل سابقا من قبل الورّاق في السبت مايو 29, 2010 8:46 am عدل 1 مرات